الوصف
جلس الصبي (المعتصم) ابن الأربعة عشر عامًا على مقعد مهدم في قطار مكتظ، بجانب أمه التي كانت تحمل أخاه الصغير الذي لم يتجاوز عمره الأربعة أعوام. كانت ملامحها تحمل الحزن، وقد ضمت الطفل الصغير إلى صدرها محاولة تهدئته بعد أن انفجر في البكاء. أما هو، فقد كان غارقًا في أفكاره، شارد الذهن، يسترجع ما حدث منذ ساعات قليلة.
تذكر الموقف الذي مر به مع والده قبل قليل، حين كانا في قريتهما “الحسنية”، حيث طردتهم السلطات بلا رحمة. تذكر كيف كان في طريقه إلى المنزل بعد المدرسة، يحمل حقيبته المدرسية على ظهره، وعبر الجمعية المحلية حيث كان الرجال مجتمعين، وكان هناك رجل ضرير يلقي خطابًا، لكن الصبي لم يلتفت إليه، فقد كان يشغل تفكيره أخوه الصغير. مرّ بجانب بيوت طينية، وكان يشعر بقلق غير مبرر. وعندما وصل إلى البيت، وجد والده في عجلة من أمره وهو يضع كتبه في حقيبته، بينما كانت والدته تجمع مستلزمات المنزل بسرعة.
تسلل الصبي إلى غرفة والده، فابتسم الأب حين رآه واقترب منه. كان في يده خاتم قديم ومجلد صغير، فأعطاه الخاتم ولبسه في إصبعه ثم فتح حقيبته المدرسية ووضع المجلد فيها. نظر إلى ابنه وقال بصوت هادئ:
“إذا كانت نهايتي قريبة، لا تصدق كل ما يُقال عني. لست ملاكًا ولا شيطانًا، لكن الناس هنا يصنعون الشر ويزيدون فيه حتى يلتهمهم، ثم يحاولون إطفاءه، لكنهم لا ينجحون دائمًا. لقد أعطيتك هذا الخاتم وأترك لك هذا المجلد، وإذا كان حظك أفضل من حظي، ستكون من المحظوظين.”
ثم أضاف بابتسامة حزينة: “أنت وحدك من سيتعرف على حقيقتي.























المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.