مواعيد العمل: 7 أيام الاسبوع من 9 صباحا الي 10 مساءا

لديك طلب غير مكتمل في سلة مشترياتك، سارع باستكماله الآن واستفد من العروض الحالية.

لماذا نقرأ الفلسفة؟

لماذا نقرأ الفلسفة؟

اقترنت الفلسفة دائمًا بالكثير من الرهبة، ليس في عالمنا العربي فقط بل في العالم كله، فعلى عكس الكثير من العلوم، الفلسفة هي علم طرح الأسئلة لا إعطاء أجوبة، وهذا أمر لا يهضمه الكثيرون، كيف أقرأ كتابًا ولا أخرج منه بمعلومات واضحة؟ نعم، تلك هي الفلسفة، حين تقرأ في الفلسفة فأنت تطلع على أفكار فيلسوف قد يكون عاش قبلك بعدة قرون، ستسألني وما الفائدة من ذلك؟ الفائدة من ذلك قد نستمدها من معنى كلمة فلسفة من أصلها اليوناني، وهي “حب الحكمة”. ولأن الحكمة لا تعني أن الشخص ملم بكل شيء وعالم ببواطن الأمور، فقراءة الفلسفة والغوص بها هي طريقة فعالة لإثارة العقل والتفكير في أمور عدة تكسب الفرد نوع من الحكمة التي لا يحصل عليها من القراءات الأخرى المسالمة التي تعطي الأفكار والمعلومات كما هي دون تشكك، وبحث، واشتباك. 

 

قد تتساءل عن سبب صعوبة القراءة في الفلسفة، وفي الحقيقة لست وحدك الذي تجد صعوبة في خوض هذا التصنيف، قد يكون السبب بدائيًا جدًا، وهو أن الفيلسوف ليس أديبًا وأنت تبحث عن قصة، يؤسفني أن أقول لك أن قراءة الفلسفة ليست كقراءة الأدب، وعليك تقبل فكرة أن الفيلسوف قد يكون غير مهتمًا على الإطلاق بتبسيط أفكاره لك، لكن هل هذا يعني الاستسلام؟ على العكس تمامًا، هذا يعني المحاولة مرة أخرى. عليك أولًا أن تدرك أن الفلسفة لها مصطلحات خاصة عليك التعرف عليها أولا لتفهم ما تقرؤه، كعلوم أخرى كالفيزياء والكيمياء، هل يمكنك فهمهم بدون معرفة المصطلحات؟ لذا نرشح دائمًا البداية بقراءة كتب افتتاحية، تعرف منها أصول علم الفلسفة من الجانب اللغوي، ماذا تعني تلك الكلمات التي تبدو كطلاسم في أول الأمر، وحين تعرف معنى المصطلحات سيأتي دور السياق والمفاهيم وكل شيء آخر. هل يمكنك الإلمام بحكاية دون فهم سياقها؟ إن قلت لك “أكل الرجل الخبز.” هل تفهم شيئًا؟ هناك رجل ما، أكل خبز ما، قد يكون هذا إفطاره، وقد يكون الخبز مسروقًا، وقد يكون مسمومًا! وبالتالي حين تقرأ الفلسفة عليك فهم السياق، أولًا من هو الفيلسوف؟ أين ومتى عاش؟ وهل كان مشتبكًا مع غيره حول فكرة ما؟ فهم السياق يجعلك تعرف من أين جاءت الأفكار التي تقرؤها، وبالتالي ستفهمها أكثر. عليك أيضًا الإلمام بالمفاهيم المختلفة، إن كنت ترغب في استيعاب كامل، قدر الإمكان، لما تقرؤه فأي شيء يجب أن ترجع لمعناه في هذا السياق. ولكن كيف نعرف كل هذا؟ 

 

هناك عدة مسارات للبداية في قراءة الفلسفة، ولكن الطريقة التي نرشحها هي كالتالي: 

 

تعرف على المصطلحات أولًا، القراءة ليست كالاستذكار، ليس عليك حفظ المصطلحات ومعانيها، لكن عليك أن تقرأها بتمعن، لتكون قادرًا على فك شفرة ما تقرؤه بعد ذلك، هناك العديد من الكتب التي تعتبر قاموسًا مبدئيًا لمصطلحات الفلسفة التي ستساعدك على فهم ما الذي تعنيه تلك الكلمات، وبالتالي ستعرف ما الذي تعنيه هذه الأفكار. 

 

تعرف على السياق التاريخي، إن صادفك رجل في طريقك لعملك بالصباح، هل تعرف عنه شيئًا؟ قد تعرف طوله، ولون شعره، وبنيته الجسدية، لكن كل ذلك في الحقيقة لا شيء لتكون فكرة حقيقية عنه وعن حياته، وأنت تقرأ الفلسفة تقوم بقراءة أفكار وتأملات شخص آخر، عليك محاولة التعرف إيه، متى وأين عاش؟ ما الذي كان يشغله؟ ما هدفه من الكتابة في الفلسفة؟ وهل كلل بالنجاح في أي مسعى له؟ مدارس الفلسفة لها سياق وترتيب تاريخي يفضي بعضها للآخر وينتج بعضها من قلب الآخر، لذا عليك أن تعرف التراتبية التي حدثت من قبل مجيئك للعالم لتعرف أين تقف أنت من العالم الآن، وحتى لا تبدأ من حيث تخطى العالم من سنين طويلة. 

 

لا تقرأ كتب متخصصة في البداية، في فلسفة هناك كتب شديدة التخصص، إن بدأت بها ستجد نفسك تائهًا ولا تعرف من أين جاءت تلك الأفكار وإلى أين أفضت، لذا ننصح دائمًا بقراءة الكتب الممهدة أو المؤسسة، هناك كتبًا تأخذ قطاعًا أفقيًا من مرحلة ما، وهناك كتب تأخذ قطاعًا رأسيًا عبر فترات أكبر من تاريخ الفلسفة، اختر ما يحلو لك، لكن لا تذهب للتخصص قبل الأوان. 

 

اقرأ مرة أخرى، في الفلسفة تحديدًا ينصح فلاسفة كثيرون بالقراءة مرة وثانية وثالثة والاشتباك مع الأفكار عدة مرات حتى تعرفها بالشكل الكافي لتكون رأيًا نقديًا عما قرأته، الفلسفة لا كالقصص التي تقرأها وتعرف حبكتها من المرة الأولى، فكل مرة تقرأ بها فكرة ما يحللها عقلك بطرق مختلفة عبر مراحل قد تقصر أو تطول حسب تفاعلك مع تلك الفكرة، فتأنى ولا تمل من تكرار القراءة حتى تشعر أنك ملمًا بشكل كاف بما قرأته. 

 

كبداية يسيرة نرشح كتاب “الفهامة” لشهاب الخشب الذي  يُعد قاموسًا ميسرًا للمصطلحات الفلسفية ليرشدك في طريقك لأول مرة مع الفلسفة، ونرشح أيضًا رواية “عالم صوفي” الشهيرة لجوستاين غاردر التي تشرح نشأة الفلسفة وتاريخها ومدارسها وأشهر الفلاسفة عبر التاريخ في سياق روائي ممتع يجعلك تندمج بالقراءة وتشتبك مع الأفكار التي تطرح. 

 

في الختام، لا تخف من عدم الفهم، اقرأ مرة ومرة حتى تفك رموز ما تقرؤه ثم استمتع بالاشتباك معه للخروج بأفكارك الخاصة، فالإنسان فيلسوف بطبيعته حتى لو لم يدرك ذلك.

One Comment

  1. mostafa121962

    مقال جميل جدا وممكن ارشح كمان كمدخل لقراءة الفلسفة كتاب الان دى بوتن عزاءات الفلسفة.

اترك تعليقاً