الوصف
في تلك اللحظة الهادئة، كان الضابط سليم يغرق في استمتاعه بما تبقى من الوقت في مكتب القسم بعد ساعات العمل الطويلة. لم يكن الأمر سوى لحظات من الراحة التي استطاع أن ينفصل فيها عن دوامة الأحداث التي لا تنتهي. لكنه، مع انقطاع الكهرباء المفاجئ، شعر بنوع من الاضطراب الذي يقطع الخلود الذي كان ينغمس فيه.
نهض من كرسيه بتثاقل، محاولاً العودة إلى نوع من الهدوء، ففتح النافذة ليشعر بنسمات الهواء الباردة التي تأتي من الخارج. كانت الليلة مظلمة، إلا من أضواء خافتة تملأها، وفي الجو كان هنالك شيء غير اعتيادي، كما لو أن ثمة توتر في الهواء حوله.
تمدد الدخان في أرجاء المكتب، وأصبح الضابط سليم محاطًا برائحة التبغ الخفيفة وهو يحاول إتمام لحظة الراحة التي افتقدها وسط هموم العمل. ومع ذلك، فإن انقطاع الكهرباء بدا وكأنه يرمز إلى أن هذه اللحظات قد قاربت على الانتهاء، وأن الوقت لا يرحم، حتى في أكثر لحظات الراحة إيهامًا.
دقائق معدودة مضت، ولم يتوقف الضابط عن التهام الهدوء بالليل حتى أفسدته أصوات خطوات العسكريين الذين يمرون بالقرب من مكتب القسم، ينقلون الأخبار عن المعتقلين، عن مشاجرة الزنزانة، عن التحقيقات التي ستجري في الصباح. ومن ثم، عاد الضابط إلى قلقه وأوراقه، ليغرق من جديد في عالمه المتشابك بين السكون والمهمة التي لا تنتهي.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.