مواعيد العمل: 7 أيام الاسبوع من 9 صباحا الي 10 مساءا

لديك طلب غير مكتمل في سلة مشترياتك، سارع باستكماله الآن واستفد من العروض الحالية.

في قراءة الشعر

في قراءة الشعر

ننشأ ونحن صغار على الأغنيات التي تهدهدنا بها أمهاتنا لنهدأ ونستكين وما تلك التهويدات ببساطتها إلا شعرًا، والعديد الذي قد يصحب موت أحدهم  في بعض الثقافات شعرًا أيضًا، تبدأ وتنتهي الحياة بأبيات شعر قد تكون يسيرة مرتجلة وقد تكون معقدة ملتبسة ككل شيء في حياتنا الذي قد يتغير حاله حسب الظرف، وبين الموت والميلاد هناك الآلاف من الحالات التي نسمع بها الشعر أو ننظمه حتى وإن لم نكن شعراء مقلدون، فكل البشر شعراء حتى وإن لم يعرفوا القواعد.

يقول إبراهيم عبد القادر المازني في كتابه “الشعر”: إن الإنسان حيوان شعري وإن لم يلقن قواعد النظام وأصوله! فالطفل الذي يستمع إلى أساطير العجائز شاعر، والقروي الذي يرى قوس الغمام فيجعله قيد عيانه شاعر، والحضري الذي يخرج ليرى موكب الأمير شاعر، والرجل الذي يتندى على إخوانه ويتسخى على أصحابه شاعر، وصاحب الملك الذي ينوط آماله بابتسامة، والمتوحش الذي ينقش معبوده بالدم، والرقيق الذي يعبد سيجه، والظالم الذي يحسب نفسه إلهًا، والمزهو والطامح والشجاع والجبان والسائل والسلطان والغني والفقير والشاب والشيخ وسائر من خلق الله، ما منهم إلا من يعيش في عالم من نسج الخيال وسرج الأوهام.” 

في دراسة قامت بها جامعة بريطانية عبر مراقبة نشاط المخ خلال قراءة نصوص متعددة، مثل كتيبات تعليمات التشغيل، ونصوص نثرية أخرى، ونصوص شعرية، اتضح أن قراءة الشعر تسبب نشاطًا في مناطق عدة  في فصي المخ تتقاطع مع تلك المناطق الذي يحفزها الاستماع إلى الموسيقى، تعد قراءة الشعر تحفيزًا للمخ بطرق مختلفة عن غيرها. 

في ثقافتنا العربية كان للشعر دورًا كبيرًا عبر التاريخ، فقد عرفنا كيف كان العالم العربي قبل الإسلام عن طريق الشعر الجاهلي الذي بقى وسمعناه وعرفناه فعرفنا منه كيف كانت الحياة اليومية والتفاعلات بين البشر وبعضهم، وعبر مدارس الشعر المختلفة عرفنا عن الملوك والتابعين والعشاق والخلافات التي كانت بين مختلف الجماعات، فالشعر العربي لم يقتصر على موضوع واحد أبدًا في تاريخه، لدينا الغزل والهجاء والمدح والمعارضة والكثير من التصنيفات الاخرى التي نعرف منها كيف كان المجتمع بمجرد القراءة والتأمل. 

يعد الشعر أيضًا مرآة للأحداث التاريخية، في أوقات الرخاء نجد الشعر مديحًا للحكام ومدحًا في الرخاء وغزلًا في أوقات الدعة، وفي أوقات الحروب نجد الشعر حماسيًا يكاد يشعل من حولك نيران المعركة، وفي أوقات الضيق نجد الشعر ضنينًا وجافًا بالمشاعر لأن الشعراء ليس لديهم بالًا للتغني بأي شيء. 

كيف نقرأ الشعر؟

– نبدأ باختيار ما نجد اهتمامًا به، قد تكون مهتمًا بشعر المعارك، أو بالغزل، أو الشعر السياسي. 
– نقرأ بتأني، فالشعر لا يُقرأ على عجل. 
– نحاول معرفة السياق، فالكثير من الشعر مرتبط بسياقًا بعينه يجب علينا معرفته حتى نهضم ما نقرؤه بشكل كامل. 
– نعيد القراءة، فكل قراءة  ستكشف لك حقائق ومشاعر مختلفة.
– نحلل ما نقرؤه، لا نأخذ شيئًا كما هو، بل علينا التفاعل معه. 

تفرعت أنواع الشعر العربي بمرور الوقت، لدينا المعلقات والشعر العمودي وشعر التفعيلة وغيرها وغيرها وصولًا للشعر الحديث وقصيدة النثر التي لا تلتزم بقواعد الوزن والقافية، تحرر الشعر من كل تلك القواعد التي قد تعوق البعض وأصبح قائمًا على الصورة الشعرية وحدها، فأي تكوين لصورة يعد شعرًا، والشعر في كتابته وقراءته يهذب النفس بما يثيره من مشاعر وبما يحركه من خيال. 

يقول عبد القادر المازني: “وما الشعر إلا موقظ الأمم وباعث الشعوب، ورسول الإنقلابات في الآراء والتقاليد.. والشعراء هم قساوسة التنزيل الإلهي ورسل الوحي المقدس وشُراح الحكمة الربانية وهم المرايا التي تتراءى في صقالها ظلال المستقبل الضخمة الكثيفة الملقاة على الحاضر.. وهم اللفظ الناطق بما لا يفهمون، المعبر عما لا يدركون، وهم قبل وبعد المشرعون الذين لا يعترف بهم الناس.”

اترك تعليقاً