مواعيد العمل: 7 أيام الاسبوع من 9 صباحا الي 10 مساءا

لديك طلب غير مكتمل في سلة مشترياتك، سارع باستكماله الآن واستفد من العروض الحالية.

قراءة في عالم نجيب محفوظ

قراءة في عالم نجيب محفوظ

ولد نجيب محفوظ في حي الجمالية بعام ١٩١١ لعائلة من الطبقة المتوسطة، في عامه الثامن عاصر ثورة ١٩١٩ وكان لها أثر كبير في نفسه نراه منعكسًا على شخوص رواياته بأشكال متعددة. بدأ دراسته مبكرًا بالذهاب إلى الكتاب ثم التحق بالمدرسة الابتدائية وقام بإنهاء دراسته الثانوية ليختار دراسة الفلسفة في كلية الآداب بالجامعة وهناك تشرب الفلسفة من الاساتذة الاوائل الذي كان منهم المفكر الكبير طه حسين الذي يسبقه قليلًا في الأزمنة الثقافية والفكرية المصرية. 

عمل نجيب محفوظ بالجامعة لفترة وجيزة ثم انتقل لوظيفة بهيئة الاوقاف ومنها شغل وظائف متعددة منها وظيفته في الرقابة على الأعمال الفنية، وبالتوازي مع هذا بدأت ذائقته الادبية تتشكل من زمن مبكر، في البداية قام بنشر قصص متعددة ثم قام بانتاج اوائل أعماله في الثلاثية التاريخية “عبث الأقدار” و”رادوبيس” و”كفاح طيبة”، لكن لم يلبث كثيرًا في مرحلة الروايات التاريخية، بل انتقل منها للكتابة الأدبية الواقعية التي تسجل حياة الناس في زمنه وأزمان سابقة له ولكن ليس بكثير، وفي الكتابة الواقعية كتب العديد من الروايات التي تعد علامة فارقة في تاريخ الأدبي العربي وتلا تلك المرحلة الواقعية كتابات تقع في التصنيف الفكري والفلسفي الذي عن طريقها قام بالاشتباك مع القضايا الفلسفية والاجتماعية التي تؤرق المجتمع خاصة بعد حركة الظباط الاحرار في عام ١٩٥٢ وانتهاء الملكية ونشوء الجمهورية المصرية وما تبعها من تغيرات شملت المجتمع المصري سلبًا وإيجابًا. 

قد ينال من البعض الحيرة في قراءة نجيب محفوظ، من أين يبدأ وكيف يتدرج في القراءة؟ إن كنت تقرأ لنجيب محفوظ لأول مرة فعليك أن تبدأ بالروايات التي تعبر عن عالمه الأشمل والتي تنتمي للروايات الواقعية، يمكنك بعدها الغوص في مرحلته الفلسفية، وحين تفتن بها يمكنك الرجوع لقراءة الروايات التاريخية تباعًا، إليك هذه الترشيحات: 

الحرافيش

تعد الرواية من أهم أعمال نجيب محفوظ التي تمزج بين النقاط الأكثر تأثيرًا في كتابته، هناك تتابع الاجيال والعوالم التي عاش بها وتأثرت بها تلك الأجيال، وهناك عالم الفتوات الذي تصدره نجيب محفوظ كأديب الحارة المصرية وكان جديرًا بذلك أشد جدارة، ورواية الحرافيش ساحرة في كل شيء وتتميز ببداية ونهاية من أعذب ما كتب في الأدب العربي، حيث تأتي بدايتها: “في ظلمة الفجر العاشقة، في الممر العابر بين الموت والحياة، على مرأى من النجوم الساهرة، على مسمع من الأناشيد البهيجة الغامضة، طرحت مناجاة متجسدة للمعاناة والمسرات الموعودة لحارتنا” وتأتي النهاية كأصدق وعد بالأمل وفي تلبية الرجاء: “فقال له قلبه لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم تحية لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة”. 

ثلاثية القاهرة: بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية

من لم يقرأ الثلاثية لم يقرأ نجيب محفوظ، تعد الثلاث روايات من أهم الروايات التي كتبت في الأدب العربي، يبدأ الجزء الأول في الرواية بعرض لعائلة السيد أحمد عبد الجواد والطريقة التي يحكمهم بها وكيف هم منصاعون له صاغرين وتمر الأحداث التاريخية مثل الحرب العالمية الثانية وثورة ١٩١٩ وتمر العائلة بتغيرات كثيرة متشابكة مع تلك الأحداث فتعرض الثلاثية مصائر تلك العائلة التي كان يمسكها السيد أحمد عبد الجواد مثل الخواتم المرصوصة بيده ولكن للدنيا عجبها في تغير المصائر التي تعصف بالعائلة. 

وكأن نجيب محفوظ يسطر أحوال الدنيا فيفكر في ذهن أحد الشخوص: “وكثيرًا ما قال لنفسه أنه ربما كان في وسع الإرادة القوية أن تتيح لنا أكثر من مستقبل واحد ولكننا لن يكون لنا، مهما أوتينا من إرادة، إلا ماض واحد لا مفر منه ولا مهرب” وكان ملمًا بمر المصائر فيقول “كانت كمن يقذف بنفسه من علو ساحق ليلتقي نارًا مستعرة تحيط به” ويلم بالحسرة التي تكلل الحياة فيقول “ثمة شيء نفتقده كلما خلونا إلى أنفسنا ولكنه لا يعود”.

ميرامار 

تختلف رواية ميرامار قليلًا عن عموم روايات نجيب محفوظ حيث تدور أحداثها في بنسيون تملكه سيدة يونانية بالاسكندرية، يتصارع اشخاص متعددون من سكان البنسيون على حب الفتاة العاملة به، وفي هذا الصراع نكتشف اختلاف خلفية كل منهم وتأثير حركة الظباط الاحرار على حياتهم ومصائرهم ثم يتحول السرد بحدوث جريمة قتل في البنسيون ونغرق في الملابسات التالية لذلك. تنتمي الرواية للمرحلة الفكرية والفلسفية في أدب نجيب محفوظ. يحدد نجيب محفوظ قوانين هذا العالم فيقول: “أن تؤمن وأن تعمل فهذا هو المثل الأعلى، ألا تؤمن فذلك طريق آخر اسمه الضياع، أن تؤمن وتعجز عن العلم فهذا هو الجحيم”. 

ثرثرة فوق النيل 

تدور احداثها قبل عام واحد من النكسة ليكشف نجيب محفوظ حياة التشتت والضياع التي كانت مسيطرة على المجتمع المصري حينها وتبرز تلك الروح من الأحاديث التي كانت تدور في عوامة على شاطئ النيل يتبادل فيها الشخوص ماضيهم وحاضرهم الخائب ومستقبلهم المشوش. تعد الرواية فلسفية بامتياز وتميل إلى السوداوية في أحداثها. ويسأل سؤالًا محطمًا على لسان أحد الشخصيات فيقول: “ومن يا ترى الرجل الذي قال إن الثورات يدبرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء؟”

اترك تعليقاً