قراءة في أعمال طه حسين

ولد طه حسين في عام ١٨٨٩ في قرية الكيلو بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ولد مبصرًا كالأطفال الأصحاء ولكن أصيب بالرمد الذي فقد بصره على إثر الإصابة به وسوء الرعاية الصحية حينها، لكن ذلك لم يثنيه عن أن يكون عميدًا للأدب العربي. بدأ تعليمه في كتاب القرية فتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وحفظ القرآن الكريم، أرسله أبوه بعدها إلى الأزهر ليلحق بأخيه الأكبر ومن هنا كانت الانطلاقة حيث انهى تعليمه الأزهري والتحق بجامعة القاهرة في عام تأسيسها ١٩٠٨، كانت تسمى جامعة الملك فؤاد الأول حينها. حصل على الدكتوراه وألحقته الجامعة للدراسة في فرنسا وأنهى درجة الدكتوراة هناك أيضًا، عاد طه حسين للعمل بالجامعة المصرية ثم تدرج في وظائف متعددة حتى وصل إلى تولي وزارة المعارف وقام بإقرار مجانية التعليم الأساسي وكانت مقولته الشهيرة “التعليم كالماء والهواء” وكان يقدم المكافآت للتلاميذ ويزودهم باللوازم المدرسية والغذائية أحيانًا ليشجع الآباء على الحاق ابنائهم بالتعليم النظامي. 

كان طه حسين أديبًا ومفكرًا وناقدًا ومؤخرًا وله العديد من الكتب في شتى جوانب العلم والمعرفة والأدب، ومن أعماله التي يجب الالتفات لها: 

“الأيام” في أجزائها الأول والثاني والثالث 

في هذه الاجزاء يسرد طه حسين تاريخ حياته كله، بداية من الذكريات الأولى من الطفولة المبكرة مرورًا بفقدانه البصر، ورحلته في الدراسة الأزهرية أولًا ثم الجامعية ثم البعثة التي ألحقته بالدراسة في فرنسا وما بعدها، تعد الأيام توثيقًا لحياة مفكر مصري عظيم علينا الاحتفاء بها والأخذ عنه منها، كيف يكون الإنسان ملتزمًا في مسعاه وكيف يتجاوز العثرات التي تلقيها الحياة أمامه ويتجاوزها حتى النهاية 

“الوعد الحق” 

يتناول طه حسين في هذا الكتاب  قصة الإسلام منذ بداياته وحتى وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يتميز هذا الكتاب بأسلوبه الأدبي الراقي وسرده المشوق، حيث يقدم طه حسين الأحداث التاريخية بأسلوب أدبي يجمع بين التحليل العميق والنثر الجمالي.

يتناول الكتاب حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم منذ ولادته في مكة المكرمة، مروراً ببعثته النبوية ونشر الدعوة الإسلامية، وصولاً إلى الهجرة إلى المدينة المنورة وتأسيس الدولة الإسلامية هناك. يعرض الكتاب كذلك التحديات والصعوبات التي واجهها النبي وأصحابه في سبيل نشر الرسالة الإسلامية، ويبرز القيم والمبادئ التي جاء بها الإسلام لتحقيق العدالة والمساواة بين الناس.

 يسلط طه حسين الضوء على الأحداث الكبرى في السيرة النبوية مثل معركة بدر وأحد والخندق، كما يتناول العلاقات الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة في تلك الفترة. يركز الكتاب أيضاً على الأخلاق والقيم التي غرسها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين، والتي شكلت الأساس لنهضة الأمة الإسلامية

“الشيخان” 

 هو كتاب يتناول فيه سيرتي الخليفتين الراشدين الأولين: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، يسعى طه حسين إلى تقديم صورة شاملة وعميقة لحياة الخليفتين، مركزاً على جوانب القيادة والحكمة في شخصيتهما.

 يبدأ الكتاب بالحديث عن أبو بكر الصديق، الخليفة الأول، مسلطاً الضوء على دوره في تثبيت دعائم الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وجهوده في مواجهة حروب الردة وتوحيد الأمة تحت راية الإسلام. كما يتناول الكتاب علاقته الوثيقة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وتأثيرها على قراراته وأفعاله كخليفة.

 ينتقل طه حسين بعد ذلك للحديث عن عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني، ويستعرض إنجازاته الكبيرة في توسيع رقعة الدولة الإسلامية ونشر العدل بين الناس. يبرز الكتاب إصلاحات عمر الإدارية والاقتصادية، وحكمته في إدارة شؤون الدولة، بالإضافة إلى شجاعته وحرصه على تحقيق العدالة الاجتماعية.

“الفتنة الكبرى” 

هو  كتاب يتناول فيه طه حسين أحد أهم الفصول في تاريخ الإسلام، وهي فترة الفتنة الكبرى التي وقعت بعد وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه. يتكون الكتاب من جزئين: “عثمان” و”علي وبنوه”.

في الجزء الأول، “عثمان”، يسلط طه حسين الضوء على خلافة عثمان بن عفان، ويتناول التحديات والصراعات التي واجهته، والتي أدت في نهاية المطاف إلى مقتله. يستعرض الكتاب الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى تصاعد التوترات والانقسامات داخل المجتمع الإسلامي.

في الجزء الثاني، “علي وبنوه”، يتناول طه حسين فترة خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والأحداث التي تلت مقتل عثمان، بما في ذلك معركة الجمل ومعركة صفين، وصولاً إلى مقتل علي وتأسيس الدولة الأموية. يركز طه حسين على الصراعات الداخلية والنزاعات القبلية التي مزقت وحدة الأمة الإسلامية، موضحاً تأثير هذه الأحداث على مستقبل الإسلام والمسلمين.