نهاية الفلسفة

الفلسفة، كما ارتسمت مع التراث الأفلاطوني والكانطي، تمثل مسعىً عقلانيًا يسعى للكشف عن أعمق مفاهيم الوجود، بعيدا عن محدودية الزمان والمكان. إنها الفلسفة الميتافيزيقية، التي لا تقتصر على التأمل في مفاهيم مجردة مثل الحقيقة والجمال والعقلانية فقط، بل تبحث أيضًا في كيفية “الخضوع” لهذه المفاهيم ومحاولة فهم كيفية ارتباط الإنسان بها. ولكن، لا تقتصر الفلسفة على الاستفهام حول هذه المبادئ فقط، بل تتجاوزها لتسعى لإقامة علاقة مخصوصة مع القوى المفارقة التي لا يمكن إدراكها تمامًا من خلال الحواس أو الفهم العقلي المباشر.

إن الفلسفة الميتافيزيقية هي تلك التي تتطلع إلى ملاذ من قيود الزمن والسياقات التاريخية التي تحدد الوجود البشري، وتبحث عن استكشاف وجهات نظر أسمى تتجاوز التجربة الإنسانية المعتادة. إنها ليست مجرد أفكار تأملية تجرد العقل من حيويته، بل هي بحث مستمر عن المعرفة العميقة التي قد تقود إلى فهم أوسع للأشياء في جوهرها، وفي طموحها إلى الاقتراب من “الوجهة الإلهية” أو الحقيقة المطلقة التي ربما لا تكون في متناول يد البشر في هذا العالم المحدود.

وفي هذا السياق، فإن الفلسفة الميتافيزيقية لا تنظر إلى العالم كما هو عليه، بل تحاول أن تجد ما وراءه، متجاوزة الحدود المعرفية للإنسان إلى فضاءٍ غير مرئي من الحكمة والمفهومية، سعيًا وراء الوصول إلى فهم أعلى وأسمى للحياة والوجود.